الرزق بيد الله: تجربة من واقع الحياة

جامعة الباحة

في خضمّ مشاغل الحياة وضغوطات العمل، قد ينسى البعض أنّ الرزق بيد الله وحده، وأنّ سعينا واجتهادنا لا يضمنان لنا رزقًا أو بقاءً في وظيفة. اليكم تجربة من واقع الحياة:

في أحد أيام عملي بجامعة الباحة بالمملكة العربية السعودية، طلبني رئيس القسم وأبلغني أنّ رئيس القسم السابق طلب إنهاء التعاقد معي، وكان ذلك نتيجة لخلاف شخصي بيني وبينه فقط دون أى تقصير في العمل. 

شعرتُ حينها بمزيج من المشاعر بين الحزن والغضب، لكنّني سريعًا ما تذكّرتُ أنّ الرزق بيد الله، وأنّ الله لن يضيع أجر من أحسن عمله.

قلتُ لرئيس القسم: "جميل جداً، أنتم الخسرانين على كل حال. لقد عملتُ بجدّ وبما يرضي الله، وخدمتُ الجامعة بكلّ ما أوتيتُ من قوة". 

استغرب رئيس القسم ردة فعلي للغاية، ولكنه رد بشكلٍ مباشر: "والله صادق".

استعديتُ للرحيل، لكنّ تدخل عميد الكلية ورئيس الجامعة دون طلب مني لوقف قرار إنهاء التعاقد، وفُتِحَتْ لي أبوابٌ جديدةٌ لم أتوقعها.

العبرة من التجربة:

تُعلّمنا هذه التجربة أنّ الرزق بيد الله وحده، وأنّ سعينا واجتهادنا هما سببٌ من أسباب الرزق، لكنّهما ليسا ضمانًا له. كما تُعلّمنا أنّ التوكل على الله والإيمان بقضائه وقدره هما مفتاح السعادة والراحة في الحياة.

لا ننسى أنّ الله هو الرزاق ذو الجلال والإكرام، وأنّه يرزق من يشاء بغير حساب. فلنجعلْ من هذه التجربة درسًا نتعلم منه أنّ التوكل على الله والإيمان بقضائه وقدره هما السبيل إلى السعادة والراحة في الحياة.

شهادات من القرآن الكريم والسنة النبوية:

قال الله تعالى: "وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" (هود: 6).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت" (رواه الترمذي).

الخلاصة:

إنّ الإيمان بأنّ الرزق بيد الله وحده يُعطي الإنسان شعورًا بالراحة والأمان، ويُبعد عنه القلق والخوف من المستقبل.

ملاحظة:

هذه المقالة هي تجربة شخصية، وهذا الموقف أصبح درسا ومضربا للمثل للعديد من زملائي أثناء تعرضهم لمثل هذا الاجراء التعسفي. إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب، وقد يُرزق الإنسان من حيث لا يحتسب.

د. طارق قابيل 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-